responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 61
وَفُرِّعَ عَلَى وَصْفِهِ بِ الرَّحْمنُ قَوْله فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ فِي رَحْمَتِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالشُّمُولِ مَا لَا تَفِي فِيهِ الْعِبَارَةُ فَيَعْدِلُ عَنْ زِيَادَةِ التَّوْصِيفِ إِلَى الْحِوَالَة على
عليم بِتَصَارِيفِ رَحْمَتِهِ مُجَرِّبٌ لَهَا مُتَلَقٍّ أَحَادِيثَهَا مِمَّنْ عَلِمَهَا وَجَرَّبَهَا.
وَتَنْكِيرُ خَبِيراً لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ، فَلَا يُظَنُّ خَبِيرًا مُعَيَّنًا، لِأَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا تَعَلَّقَ بهَا فعل الْأَمر اقْتَضَتْ عُمُومًا بِدَلِيلِ أَيِّ خَبِيرٍ سَأَلْتَهُ أَعْلَمَكَ.
وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ وَلَعَلَّهُ مِنْ مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ نَظِيرَ قَوْلِ الْعَرَبِ: «عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ» يَقُولُهَا الْعَارِفُ بِالشَّيْءِ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ. وَالْمَثَلَانِ وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ الْمَنْطُوقِ بِهَا فَالْمَثَلُ الْقُرْآنِيُّ أَفْصَحُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ ثِقَلِ تَلَاقِي الْقَافِ وَالطَّاءِ وَالتَّاءِ فِي (سَقَطْتَ) . وَهُوَ أَيْضًا أَشْرَفُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ مَعْنَى السُّقُوطِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مَعْنًى لِمَا فِيهِ مِنْ عُمُومِ كُلِّ خَبِيرٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا يَقُولُهَا الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ. وَقَرِيبٌ من معنى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً قَوْلُ النَّابِغَةِ:
هَلَّا سَأَلْتَ بَنِي ذُبْيَانَ مَا حَسَبِي ... إِذَا الدُّخَانُ تَغَشَّى الْأَشْمَطَ الْبَرِمَا
إِلَى قَوْلِهِ:
يُخْبِرُكُ ذُو عِرْضِهِمْ عَنِّي وَعَالِمُهُمْ ... وَلَيْسَ جَاهِلُ شَيْءٍ مِثْلَ مَنْ عَلِمَا
وَالْبَاءُ فِي بِهِ بِمَعْنَى (عَنْ) أَيْ فَاسْأَلْ عَنْهُ كَقَوْلِ عَلْقَمَةَ:
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي ... خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةً بِ خَبِيراً وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلرَّعْيِ عَلَى الْفَاصِلَةِ وَلِلِاهْتِمَامِ، فَلهُ سببان.
[60]

[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 60]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (60)
لِمَا جَرَى وَصْفُ الله تَعَالَى بالرحمان مَعَ صِفَاتٍ أُخُرَ اسْتَطْرَدَ ذِكْرُ كُفْرِ الْمُشْرِكِينَ بِهَذَا الْوَصْفِ. وَقَدْ عَلِمْتَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ وَصْفَ اللَّهِ تَعَالَى باسم (الرحمان) هُوَ مِنْ وَضْعِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا لِلْعَرَبِ، وَأَمَّا قَوْلُ شَاعِرِ الْيَمَامَةِ فِي مَدْحِ مُسَيْلِمَةَ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست